...نَحمِل الخَير..لكلّ النّاس...
:: شنطة رمضــان ::
عادة أحببتها وأسأل الله أن لا تنقطع عني ما حييت
كانت مشاركتي الأولى بها منذ عامين على ما اتذكر ..
هل أصف لكم ما رأته عيناي ؟؟
عالم آخر وَربّي !!
لم أحيا به ، لم أدخله ، لم أختلط به ، بل لم يطرق مخيلتي يوما ان يوجد مثله !
يحيون بيننا ..نرقبهم .. نراهم كل يوم !
يسكنون قارعة الطريق وجنبات الأرصفة في بؤس وألم..
لم يتطرق الى ذهني قط أني يوما ما سأدخل الى هناك..حيث عالمهم ..
عالم سُفليّ..
سُفليّ..
يفتقد كل شيء..
كل شيء بلا مبالغة ..
يفتقد كل مقومات الحياة ..بل الحياة نفسها !!
تصلبت قدماي هناك وأنا اطرق الباب للمرة الأولى..
الدليل معي يقرأ اسم الحالة ويصف لي حالتها
.....................
هذه أم لخمسة أيتام..مات عنها زوجها منذ أكثر من خمسة أعوام
لا عائل لها حتى الآن..
والمعاش لا يكاد يكفي قوت اسبوع واحد
لها من البنين اثنين ومن البنات ثلاثة
أكبرهنّ لم تبلغ بعد عشر سنوات .
البيت:
من الطين..
يكاد السقف يخرّ من فوقهم تحت وطأة السنين العجاف ..لولا رحمة الرحيم
لا يوجد تقريبا مكان واحد بالبيت ليس به ثقب أو جحر
عن الحشرات..حدث ولا حرج
الرائحة ..ربما رائحة القبر أفضل منه بقليل
عدد المقاعد:
لا يوجد
عدد الأسرّة
سريرين يتعاقب عليهما ستة من الأجساد الآدمية !
-----------------------------------------------
سؤال عفوي - خرج على غفلة مني -
في دهشة لا تخلو من الحزن والشفقة ..
سيدتي كيف تحيين !!!!
يا أستاذ .. الله لا ينسى أحدا .. وأهل الخير كتير
قالت جملتها الأخيرة وهي تخفي وجهها في حياء المتألّم..
كلانا يعلم أن هذا الباب لا تطرقه يدّ الا ربما من رمضان لرمضان ، وفي أحسن الأحوال ربما مرتين في العام !
لكم الله .. سبحانه لا ينسى احدا..
الصمود في وجه حياة تحمل هذا الكمّ من الأحمال والأثقال والهموم هي بطولة في حدّ ذاتها !
-----------------------------------------------
الحالة الثانية :
بيت ..
لا لا عذرًا..
شيء ما يشبه البيت
به أيضا شيء يشبه الغرفة وشيء آخر يشبه الصالة .
أربعة من الأسرة تشغل جنبات الصالة والغرفة.
وعلى الجانب منضدة عليها غطاء قديم تنبعث منه رائحة كريهة.
أركان البيت متآكلة .. الجدران متصدعة ..الملح الجوفي والنشع طال الجدران حتى وصل منتصفها
كأنّما ينهش لحمها حتى برزت أحشاؤها على شكل طوب أحمر قديم .. تآكل هو الآخر
سقف خشبي ربما مرّ على بنائه هو الآخرأكثر من سبعين عامًا !
باختصار..بيت يصلح لتصنيفه ضمن الموروثات الأثرية .
تحتل الأسرة الأربع أيضًا..أربعة من الأجساد الأثرية !!
سيدات أربع ، أقلهن عمرًا جاوزت الثمانين !
أماه كيف حالك ؟؟
أجابت الأخرى! ..بخير يا ولدي ، نحمد الله - انها لا تسمع ولا ترى منذ أكثر من عشرة أعوام
أجابتني وهي تشير الى رفيقتها
ومن يرعاكم يا أماه ؟؟
أهل الخير يا ولدي ..بارك الله لكم ولهم
ألكم - يا أمي - معاش أو شيء ما تنفقون منه ؟
ومن يقضي حاجاتنا يا ولدي بالمال- ان وجد المال ؟!
فقط ما يأتينا هو ما تأتون به أنتم وغيركم من أهل الخير من مواد عينية سكّر وزيت وسمن .
وأحد الجيران تطوعت-حفظها الله - لتعدّ لنا طعامنا كل يوم.
أعانكم الله يا أماه
وبارك لكم يا ولدي وأكثر من أمثالكم
----------------------------------------------------
الحالة الثالثة
هي لعجوز جاوزت الثمانين
ربما أحسن حالا بقليل مما سبق
تسكن في بيت مشابه للبيت السابق ، لكنها تسكنه وحدها
أعرف ابنها جيدًا ، هو جارٌ لنا يقطن بالشارع المقابل
عمره جاوز الخمسين ، وله من الأبناء ثلاث : بنت وولدين
تركها بعد أن تزوج مباشرة منذ أكثر من ثلاثين عامًا
ليحيا حياة مستقلة تمامًا عن والدته
مستقلة بالمعنى الحرفي ، حتى عن مجرد ذكرها أو زيارتها!
نسي أن له أمًا هناك -وحدها تعاني- وتواجه حدة الزمن-أيضًا وحدها
كثر الناصحون له أن اتّق الله ورافق بأمك،ليس لها غيرك ، ولكن لا قلب لمن تنادي !
سبحان الله وكأن الله ينتقم منه !
تزوج ابنه الأول ثلاث زيجات انتهت جميعها بالطلاق!!
تزوجت ابنته زيجة انتهت هي الأخرى بالطلاق
ابنه الأصغر تزوج منذ أقل من عام ، والحال ليس أفضل من سابقه..انتهى هو الآخر بالطلاق !!
كل ذلك ولم يعتبر !!
نسأل الله السلامة
----------------------------------------------------
أما عن الحالات المصابة بالجلطات والشلل والأمراض الخبيثة والتي تعالج من أمراض مزمنة وتستهلك فاتورة العلاج أغلب ما يملكون-هذا ان كانوا يملكون أصلًا شيئًا !
فما أكثرها وحدّث ولا حرج
مررنا بأكثر من مائتي حالة كلهم تقريبًا من هؤلاء !
-----------------------------------
تســــاءلت..
من لهؤلاء يرعاهم ان لم يبعث الله لهم بأهل الخير والرفق ممن بقيت في قلوبهم حياة ،
فلم ينسوا آلام غيرهم
ولم تغررهم نعمة الله فبادروا بالشكر والعرفان على العطاء الوافر من الله عز وجلّ
فأثابهم الله بركة في أموالهم وصحة في أبدانهم ونجابة في أولادهم وحسن سيرة بين الناس.
ان كان من نصيحة فهي لكن من قرأ هذه الورقة أن يبادر بالمشاركة
وأن يجعل رسالته هو أن يحمل الخير الى هؤلاء ويدعو من يعرف من أهل الخير الى المشاركة بالمال لتخفيف آلام هؤلاء .
وينزل بنفسه الى هذا الميدان ويطرق بيديه هذه الأبواب ليرى كم أنعم الله عليه ومنّ عليه بجزيل الفضل مما لا يعدّ ولا يحصى.
والله انها لموعظة بالغة ترقق القلب الجامد أن ترى هؤلاء على حالتهم هذه،
لتدرك ان أصحاب البلاء هم غيرك
وأنك ما ابتليت الا بلاء المترف اذا أصابته شوكة !
------
اللهم لك الحمد على نعمة المال والصحة والتفوق والأهل والغنى
اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم آمين