قَـدَرًا ..
كنت أعدّ موضوعي قبل السابق عن العيد والاحتفال به وعن موافقته لمناسبات أخرى سعيدة
وكيف ان الشهر كله هو شهر خيرٍ ونصرٍ وعزّة
فتحت أحد العروض فوجدت بعض مقاطع من حرب أكتوبر
لا احبّ تمرير مثل هذه المناسبات دون الوقوف أمامها وتذكّر ما كان فيها من بطولات فريدة
ربما لأتعافى قليلا من وابل الهزائم النفسية المتوالية في أيامنا هذه وما اكثرها !
تابعت عيناي المشاهد
وثارت معها النفس
على غفلةٍ مني
سقطت دمعتان
لا أدري...
شيء من الضيق والكدَر يخالط النفس دومًا كلما مرّت بشيء ما يذكرنا كيف كنًا وماذا حققنا وكيف أصبحنا وماذا لم نحقق ؟
خير أجناد الأرض أين هم ؟؟ وهل تستطيع كتائب كاملة أن تحقق ما حققه جندي واحد حينها ؟؟
بأي الأسباب انتصر هؤلاء..ثم ماذا نملك نحن منها الآن ؟؟؟
قفز الى ذهني خاطر قاله لي احد المعارف وهو ضابط بالجيش
حين سألته عن حال جيش مصر ؟؟
ردّ في ثقة المتألّم ..
ليس في مصر جيش .
تعجّبت من ردّه حينها !!
ظننته يبالغ...ربما هناك بعض الضعف لكنهم فيهم الخير الى يوم القيامة..
فأعاد الكرة وقال..
واهمُ من يظن ان لمصر جيش.
والله لو دخلنا معركة مع فصيل واحد لانهزم جيشنا بأكمله .!!!
قلت له ..اذن ما الذي نراه بالتلفاز كل يوم ؟؟
عروض عسكرية..
قوات الصاعقة
المظلات..
ترم ترم ترم
موسيقى عسكرية تهزّ القلوب
حفلات تخريج الدفعات
الأوسمة والنياشين
كل هذه....
غير حقيقية ؟؟؟
ضحك في أسىً ثم قال:
تمثـــيل..
كـــــــــــــــّـــــــــــــــــــلها تمثيــــــــــــــــــــــــــــل..
نتدرّب عليها العام كله لنقدمها في العرض ثم اذا ما انتهى عاد كل منا أدراجه كأن شيئًا لم يكن
أصبحت قواتنا تخوض معارك من نوع آخر ، معارك العدو فيها هو أبناء الوطن لا أعداء الوطن
سرحت قليلا لأتذكر ..
فعندي حظّ وافر من ذكريات هذه المعارك
آخرها أصيب فيها الأخ الصابر محمد عبداللطيف بشلل رباعي والذنب أنّه أراد فتح مدرسة يتعلم بها ابناؤه
لا بحكم القوة والجبروت ، بل بحكم محكمة وبحكم القانون !!
هنا كانت التفاصيل المؤلمة ، وليس من سمع كمن رأى !
----------
صدقت والله
هي معركة ضدّ أبناء الوطن
شهدت إحداها
كنت هناك...
يومها...
اشتدّ الهتاف ....
اشتعلت القلوب وعلت الأصوات
الأقدام تدكّ الأرض في اصرار والوجوه متشنجّة متحفّزة والأيدي متماسكة يشدّ بعضها بعضا
المصاحف تعلو وتعلو والهتافات تتردد والناس من حولنا ينظرون
أجيشُ بعث من جديد ؟؟
من هؤلاء ؟؟ وما جاء بهم ؟؟؟
من أي البلاد وفدوا؟ ومن أي الأبواب تدافعوا حتى ساقهم القدر حيث هنا؟-
الميدان الواسع كأنه ساحة لمعركة فاصلة قادمة !!!
على طرفي الســاحة - فريقان
كلاهما منتظم الصفّ
والنـــاس !!
الناس من حولهم....
ينظرون
كنت هناك
بين الصفوف
ودارت المعركة..
كنًا فيها الطرف الأضعف ، فلا نملك من قوتنا المادية الا أصواتنا وأخوتنا ووحدة صفنا وسمو غايتنا
لكننا كنا الأقوى فيها بالله
فما خرجنا الا له
انهالت علينا الهراوات والعصيّ والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي ..
و...
اشتعل الشارع !!!
أفي العراق نحن أم فلسطين ؟؟؟؟
ومن هؤلاء؟؟؟؟؟؟؟؟
مصريون أم يهود متنكّرون ؟؟
سبحان الله..له الحمد على نعمة العقل
عندنا..
يقولون لمن فقد الحياء
اللي اختشوا ماتوا !
المهم...
تنبهت من غفلتي على كلامه ...
ثمّ معارك اللهث وراء رضا القادة
الواسطة دمّرت عندنا كل شيء
الولاء أولا وأخيرًا هو لقائدك وفقط .
هو أمك وأبوك وأخوك
بل هو الوطن نفسه !!
أصابني الكثير الهمّ على الهمّ لمّا سمعت ما قال
رغم أن ثقتي لم تهتزّ لحظة في أنه هناك نصر آت لا محالة ..قريبُ لا شكّ
يراه كل مؤمن بالله داعٍ لدينه ملتزم بتبعته قائم بأمانته
الا أن اليأس قد يغلبنا احيانا ويدفع بنا للتشاؤم والقنوط - وهذا ما لا يحبه الله
حينها نكون جميعا بحاجة لمدّ اليدّ وتجديد العهد مع الله بالثبات على هذا الدرب ..
فالأخذ بالأسباب واجب
والثقة في نصر الله كذلك واجبة
والسعي لذلك النصر بالجهاد والعمل ثم الصبر عليهما أوجب
وان طال الطريق وكثرت العقبات والتزم جانبه كل حاقد يرمي دعاة الخير بالحجارة
حتى تدمى القلوب ،
وأكثر ما أخشاه أن تصاب هذه القلوب بالعجز والشلل فتفقد الإبصار وتفتقد البصيرة ، فتعمى وتتخبّط
يقودها اليأس تارةً الى القعود وتارةً الى العنف وتارةً أخرى الى هدم الصف وتجريحه بما لا يليق
فتتعالى الاتهامات بالضعف والاستكانة والذلّ وغيرها مما قد يلقيه الشيطان في نفس المؤمن العامل
لذا وجب علينا مراجعة أنفسنا
بحاجة لمدّ اليد بعهد جديد
عهدٌ بالتزام الأمل..يحدو ركبنا ..
رحلة أولها هنا
جهادٌ - فنصر او شهادة أو موت على العهد
وآخرها جنّة يوم الوعد
بحاجةٍ نحن الى لملمة الجراح ، فيدّ تضمّد ويدٌ تشقّ الطريق نحو نصر الله .
كلما فكرت فيما نحن فيه من ألم وحصار وخنقٍ وتضييق ، تذكّرت أمر الله ورسوله لمسلمي أحد بالخروج - رغم الجرح الذي بعد لم يلتئم - الى حمراء الأسد !
مرهقون نحن - نعم
مجهدون - لا شكّ
تمتليء أعيننا بالحيرة والهمّ
وتختنق قلوبنا بالشكوى والحَزَن
ولكن حسبنا الله والأجر عنده لا يضيع
قال تعالى: ]وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١)الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢)الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤)إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥)[ [آل عمران: 172 ـ 175]
كذلك لا يحزنكم مكر هؤلاء وحقدهم وحربهم على الله وتعطيلهم لشرع الله
إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
أمّا جيش مصـر..
فبرغم ما قال..الا أنني والله لا أشكّ لحظة واحدة في أصالة معدنه..هو ورث العزّ عمن سبقه
قد تمرّ به بعض اللحظات يفقد فيها هويته ويعبد كل فرد منهم فيه ذاته وربما قائده وولي نعمته
الا أنه سريعًا ما يتيقّظ من غفلته على وقع القتال في ساحٍ تكون فيها النفس لله والقلب لله ثمّ النصر من الله
فقط تذكّروا أن النصر القادم..
لن يكون أبدًا إلا
باسم اللــــــه
، وهو قادم قادم لا محالة..
[ .. ويقولون متى هو ؟؟
قل:
عسى أن يكون قريبا ..] صدق الله العظيم