الخميس، 2 أبريل 2009

يوميات طالب (3) ..





دخلت السيارة -في طريق العودة الى المنزل ..


أغلب الكراسي كانت ممتلئة ..

بـ فتيات قادمات من الجامعة

..

كانت الملابس خير دليلـ ..!


جلست في هدوء بعد القاء السلام ..


كانت الخامسة والنصف مساءًا - قبل المغرب بحوالي الساعة ..







موعد الأذكار






لا أدري كم ينشرح الصدر بمجرد تذكرها !


أشعر كل يوم بأنها الهدية التي يلقيها الرحمن الى يومي ليصفو قليلاً من كدره ورهقه ..

تبسمت في ارتياح كمن يستقبل ضيفًا عزيزا عليه ..


أسندت رأسي الى ركن السيارة وفتحت النافذة قليلًا-فتسلل الهواء المشبع برائحة زهر البرتقال الطيبة التي تنتشر دائمًا في هذا الوقت من العام




سبحان الله ..




كم هي طيبة .. منعشة .. رقيقة - تُذكّرني بالجنّة ..


بدأت في تلاوة الأذكار بهدوء واطمئنان ..



أمسينا ..

وأمسى
الملك لله ..


والحمد لله لا شريك له ..


لا اله الا هو واليه المصير..



أمسينا على فطرة الإسلام..

وكلمة الإخلاص..

وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..

وعلى ملّة أبينا إبراهيم حنيفًا
وما كان من المشركين




اللهم
إنّي أمسيت منك في نعمةٍ ، وعافيةٍ ، وستر ..
فأتِمّ عليّ نعمتك وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة ..


.

.
هي خطٌ مفتوح بين السماء والأرض..


هدية السماء يلقيه الله الى عبده في طريق الحياة ليخرجه من الظلمات الى النور ..



حينما بدأ يرفرف في سماء الطمأنينة والسكينة والراحة ..







لم يقطعه الا..







ذلك الصوت ..








كان على عكس ما أتلو- نافرًا- منفّرًا- مستفزًا !









و..






كانوا - فتيات !!..


أصبح من الطبيعي ان يقوم بعض الشباب بتشغيل بعض الأغنيات التافهة التي لا معنى
لها-كنوع من (الترويح عن القلوب) أثناء رحلة العودة (الشاقة) من الجامعة الى البيت

لكن أن تكون فتاة !

وبمثل هذه الـ - جرأة !



ضحك يصمّ الآذان وأغاني تصمّ القلوب ..

أصبح الأمر غاية الاستفزاز

والجوّ أصبح مكهرب ..



لو كان شابًا لأسمعته من الكلام ما يستحقّ ..



بركان يغلي بداخلي

ما هذا الذي يحدث ؟؟


الأنفال ..

و

بدر ..

و

ذكر الله

و

.

.

هؤلاء ..!!



حاولت منع نفسي-قسرًا عن الكلام والانشغال بالذكر - الا أنّ تفاعلات ما بالداخل أبت
الا ان تعبر عن نفسها ..!



و..

عندما هممت بالحديث..



دوّى الأذان ..!


الله أكبر الله أكبر ..

الله أكبر الله أكبر ..

لا اله الا الله ..


نجدة السماء حلّت بهم حقيقةً ..

وبي ..!

سكتت الأغاني وقت الآذان-فحمدت الله-ورددت خلف المؤذن في راحة بالغة ..

من يسمع ..الله أكبر ثمّ لا يخشع قلبه !

من يسمع لا اله إلا الله فينشغل بمن سواه ويتخذ إالهه هواه !!

من ذا الذي يخدعه الشيطان وتخدعه نفسه-فينصرف عن ذكر الله ؟!!



الله أكبر الله أكبر

ولذكر الله أكبر ..

ولطاعة الله أكبر ..

ولرحمة الله أقرب ..



لا اله الا الله

بنصف راحة وحذر - عدت الى ترديد الأذكار ..

و



عادت الأغاني من جديد ..
وبصوتٍ أعلى هذه المرّة !



بلغت الروح الحلقوم ، والأمر تجاوز الحدّ ..

عرقٌ نافر في جبيني كاد ينثر ما به من دماء ..


بضيقٍ بالغ وبنصف صبر وبنظرةٍ مؤنّبةٍ غاضبة التفتت ناحيتهم..



- ألم تغلقوا الأغاني عندما دوى الأذان ؟



قلن في اندهاش وحذر وكمن يترقب شيئًا..



-بلى ( هم طبعًا لا يعرفون بلى ولا حتى نعم .. قالوا آه يعني )..



قلت مردفًا ..



- فالله أكبر قبل الآذان وبعده !



ألجمهم الصمت ولم أحر جوابًا ، فاكتفيت بما قلت وعدت الى جلستي في اعتدال أكمل ما بدأت

بين الحين والآخر كنّ يهمسن بما لا أستطيع تفسيره إلا أن إحداهم قالت مردفة بلهجةٍ صادقة هامسة ..

-صدقت

----------------------

دخلت السيارة طريق البلدة الطويل الذي يبدأ من محطة القطار ويمتد لمسافة
الكيلومترين بين الأراضي الخضراء الطيبة وحقول البرتقال الزاهرة حتى يصل البلدة


على أوّل الطريق لمحت الوالدة -حفظها الله- في طريق عودتها من العمل الى المنزل
واقفة الى جانب الطريق مع زميلاتها في انتظار سيارة ..

تبسمت لها فتبسمّت وأشرت اليها ..

أوقفت السيارة ونزلت لتركب هي ..

يكفيها حقيقةً ما تلقاه من مشقّة في خدمتنا الدائبة منذ أكثر من عشرين عامًا ،




أسال الله أن يشفيها ويجزيها عن خدمتها لنا خير الجزاء ..



كانت فرصةً طيبة لصلة الرحم ..
عمتي لها بيت في منتصف الطريق تقريبًا ، ليس بعيدًا ولم أزرها كثيرًا في الفترة الأخيرة ..

الاثنين، 30 مارس 2009

يومياتـ طالبـ ..(2) ..


ختمنا جلستنا في تمام الثانية ..

بعض الاستيكرات تحتاج للصقها في أركان الكلّية .. لصقنا البعض وبقي اثنين ..
نحو مدرج التشريح-اللامع- كانت وجهتنا ..
بدأ الأخ بلصق واحد من الاثنين -ففاجأه أحدهم ..


" ممنوع يا دكتور "

ينبغي الحفاظ على هذا الحائط( لامعًا .. و نظيفا ) ..!

هل اخبرك أحد أننا نلصقهاا بـ (.....) -اللهم طولك يا روح ..

شياطين الجنّ والانس يأبون الا تكدير كل صفاء - يوحي بعضهم الى بعض ..

صدقني يا سيدي -هذه الملصقات هي أنظف ما قد تجده هنا -بهذه الكلية التي لم يبق نظيفًا فيها الا أقلّ القليل .. أنتم نظفتموها فعلاً - من كل شيء .. وأكبر دليل على هذا-الطالب الجامعي نفسه..

فعلاً نظيف..

أملس

لامع

ملزّق ومكوي - كتمثال الشمع ..

وكمال النظافة-نظافة العقل-من كل فكرة -خاصة تلك التي يصفونها ب(الرجعية) و(الظلامية) ..!!

هل يعترض احد على النظافة؟؟

..
واذا كان ولا بدّ.. فلا مفرّ من أن تكون هذه النظافة كاملة شاملة !!


يا دكتووور..


"النظاااافة ..

من الإيمان "



كذبت
و
صدق رسول الله ..!

صدق أيضًا عندما قال ..
اذا لم تستحِ فاصنع ما شئت !

الله يرحمك يا تيتة ..
كانت دائمًا ما تقول ..
" اللي اختشوا ماتوا " !
---------------------

الأحد، 29 مارس 2009

يومياتـ طالبـ ..(1) ..


الأحد 29 مارس 2009 ..

كان يومًا مرهقًا ، مليئًا بالأعمال - رغم كونه أكثر الأيام فراغًا من حيث الدراسة -فلا محاضرات بعد راوند الصباح الذي يمتد من الثامنة والنصف حتى العاشرة أو الحادية عشرة ..
لم أكن أرغب في مزيد من النقاشات - خاصة وأن لدي كلّ يوم رصيد كاف منها !
نصف العقل مزدحم والنصف الآخر مرهق وكلاهما يتصارع مساحته على حساب الآخر ..
بقى منه جزء بسيط يحاول التعبير عن نفسه مطالبًا بفضّ الاشتباك وعقد هدنة مؤقتة بين كلّ منهما ..

كل شيء-بصدق-مزدحم ..
ولا مجال -مطلقًا- لمزيد من الازدحام ..

لم يكن فارغًا الا مكان واحد - هو المعدة التي تستصرخ كل يوم طالبةً ما لها من حقٍّ مضيّع ..

في زحمة الصباح وموعد السفر وأزمة المواصلات - دائمًا ما تلغى - فقرة الافطار ..

بعد الراوند وفي مسجد الكلية-بالدور الثالث-هدأت بعض أنفاسي اللاهثة ..

كم هو رائع هذا الدعاء !
بسم الله .. اللهم افتح لي أبواب رحمتك ..

صليت الضحى وراجعت ما عليّ من آيات .. و أقبلت الصحبة الطيبة ..
كم أشتاق اليهم

و

اليه

على حداثة عهده بجلستنا-الا أنه تربّع على عرش قلبي بصفاءه وصدقه وبساطته..
توفّى والده قبل عشرة أعوام وتوفت والدته ولم تبلغ منتصف الأربعين بعد-منذ ثلاثة أشهر
رحمهما الله رحمةً واسعة ورزقه الصبر على فراقهما وما أصعبه !

أقبل مبتسمًا فابتسم القلب له أخذ مكانه الى جواري ..
بعد السلام عليه والاطمئنان على حاله فتح كلّ منا مصحفه-ليتلو على أخيه ما عليه من حفظ آيات

صلينا الظهر وجلسنا قليلاًا بعد الصلاة في موعدنا الأسبوعي نتدارس بعض الآيات..
وفي ظلال القرآن الوارفة - وحول سورة الأنفال وآياتها-وغزوة بدر وأحداثها - كان لقاؤنا ..

"يا أيها الذين آمنوا-إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا ويكفّر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم "
" يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئةً فاثبتوا - واذكروا الله كثيرًا - لعلكم تفلحون "

تذكرنا هذا الفتى الذي أخذ لسانه يلهج دون وعي وهو على فراش الموت-بذكر الله !

وهذا التابعي الذي كان يسبح الله على اصابعه فلما مات ظلّت تتحرك كما هي كأنما تسبّح الله !

قال ابن القيم رحمه الله : سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : الذكر للقلب مثل الماء للسمك ، فكيف يكون السمك إذا فارق الماء ؟

وقال : ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا : وذلك ما هو يا رسول الله ، قال :. ذكر الله عز وجل )) رواه أحمد .

وكيف أن ذكر الله تعالى من صفات المؤمنين الذين ذكرهم في كتابه ( والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات)

وأن الذكر هو عدة المؤمنين وعتادهم اذا اشتدت الأزمات وأحاطت بهم الكربات فأكثر المواضع التي ذكر الله فيها القتال كانت وصيته الدائمة لجند الرحمن هي ذكره تعالى على كل حال .

هو طمأنينة النفس وغذاء الروح وحياة القلب ..

الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله .. ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب ..

صدق الله..

كانت جلسةً تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة وتتنزّل عليها السكينة ويذكرها الله فيمن عنده ..


و

انقضى الوقت سريعًا في روضة من رياض الجنّة ..



ختمنا جلستنا في تمام الثانية ..

بعض الاستيكرات تحتاج للصقها في أركان الكلّية .. لصقنا البعض وبقي اثنين ..
نحو مدرج التشريح-اللامع- كانت وجهتنا ..
بدأ الأخ بلصق واحد من الاثنين -ففاجأه أحدهم ..



..

يتبع :)