الأحد، 29 مارس 2009

يومياتـ طالبـ ..(1) ..


الأحد 29 مارس 2009 ..

كان يومًا مرهقًا ، مليئًا بالأعمال - رغم كونه أكثر الأيام فراغًا من حيث الدراسة -فلا محاضرات بعد راوند الصباح الذي يمتد من الثامنة والنصف حتى العاشرة أو الحادية عشرة ..
لم أكن أرغب في مزيد من النقاشات - خاصة وأن لدي كلّ يوم رصيد كاف منها !
نصف العقل مزدحم والنصف الآخر مرهق وكلاهما يتصارع مساحته على حساب الآخر ..
بقى منه جزء بسيط يحاول التعبير عن نفسه مطالبًا بفضّ الاشتباك وعقد هدنة مؤقتة بين كلّ منهما ..

كل شيء-بصدق-مزدحم ..
ولا مجال -مطلقًا- لمزيد من الازدحام ..

لم يكن فارغًا الا مكان واحد - هو المعدة التي تستصرخ كل يوم طالبةً ما لها من حقٍّ مضيّع ..

في زحمة الصباح وموعد السفر وأزمة المواصلات - دائمًا ما تلغى - فقرة الافطار ..

بعد الراوند وفي مسجد الكلية-بالدور الثالث-هدأت بعض أنفاسي اللاهثة ..

كم هو رائع هذا الدعاء !
بسم الله .. اللهم افتح لي أبواب رحمتك ..

صليت الضحى وراجعت ما عليّ من آيات .. و أقبلت الصحبة الطيبة ..
كم أشتاق اليهم

و

اليه

على حداثة عهده بجلستنا-الا أنه تربّع على عرش قلبي بصفاءه وصدقه وبساطته..
توفّى والده قبل عشرة أعوام وتوفت والدته ولم تبلغ منتصف الأربعين بعد-منذ ثلاثة أشهر
رحمهما الله رحمةً واسعة ورزقه الصبر على فراقهما وما أصعبه !

أقبل مبتسمًا فابتسم القلب له أخذ مكانه الى جواري ..
بعد السلام عليه والاطمئنان على حاله فتح كلّ منا مصحفه-ليتلو على أخيه ما عليه من حفظ آيات

صلينا الظهر وجلسنا قليلاًا بعد الصلاة في موعدنا الأسبوعي نتدارس بعض الآيات..
وفي ظلال القرآن الوارفة - وحول سورة الأنفال وآياتها-وغزوة بدر وأحداثها - كان لقاؤنا ..

"يا أيها الذين آمنوا-إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا ويكفّر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم "
" يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئةً فاثبتوا - واذكروا الله كثيرًا - لعلكم تفلحون "

تذكرنا هذا الفتى الذي أخذ لسانه يلهج دون وعي وهو على فراش الموت-بذكر الله !

وهذا التابعي الذي كان يسبح الله على اصابعه فلما مات ظلّت تتحرك كما هي كأنما تسبّح الله !

قال ابن القيم رحمه الله : سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : الذكر للقلب مثل الماء للسمك ، فكيف يكون السمك إذا فارق الماء ؟

وقال : ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا : وذلك ما هو يا رسول الله ، قال :. ذكر الله عز وجل )) رواه أحمد .

وكيف أن ذكر الله تعالى من صفات المؤمنين الذين ذكرهم في كتابه ( والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات)

وأن الذكر هو عدة المؤمنين وعتادهم اذا اشتدت الأزمات وأحاطت بهم الكربات فأكثر المواضع التي ذكر الله فيها القتال كانت وصيته الدائمة لجند الرحمن هي ذكره تعالى على كل حال .

هو طمأنينة النفس وغذاء الروح وحياة القلب ..

الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله .. ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب ..

صدق الله..

كانت جلسةً تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة وتتنزّل عليها السكينة ويذكرها الله فيمن عنده ..


و

انقضى الوقت سريعًا في روضة من رياض الجنّة ..



ختمنا جلستنا في تمام الثانية ..

بعض الاستيكرات تحتاج للصقها في أركان الكلّية .. لصقنا البعض وبقي اثنين ..
نحو مدرج التشريح-اللامع- كانت وجهتنا ..
بدأ الأخ بلصق واحد من الاثنين -ففاجأه أحدهم ..



..

يتبع :)

ليست هناك تعليقات: