شوقٌ شديد..اليه ..
عرف كثيرًا
وصاحب أكثر ..
تعلم الكثير ..
من كثير
فرح بآرائهم واحتفى بها في كلّ مرّة كمن وجد لتوّه كنزًا لا يقدّر بثمن ..
قابلهم وصادقهم وانتقى منهم من دخل القلب وحده بلا استئذان فكانوا اخوةَ ورفاقَا وأحباب ..
ثمّ قلبت الحياة ظهرها ..فسافر هذا وانشغل هذا وترك هذا و.. مات هذا !!
الا ..
هو ..
ظلّ قريبًا من قلبه..
و
حينما تذكره .. لم يستطع تفسير ذلك الإحساس الذي داخل قلبه ..
إنها انقباضة المشتاق حينما يتذكر حبيبًا يفتقده ..
يا الله ..!!
كم يشتااااق اليه ؟؟!!
انه يختلف عنهم جميعًا ..
ألهذه الدرجة هو غالِ عنده ؟؟!!
واذا كان كذلك .. فلماذا قبل فراقه والانشغال عنه !
سأل نفسه بتأنيب ..
كم مرّةً وجدك وحيدا فآنسك وخفف عنك ؟؟
كان دائمًا الى جوارك ..
كانت الحياة معه ، سهلة ، بسيطة ، ممتعة ..
عنده لكل مشكلة حلّ ولكل داء دواء..
سبحان الله ..
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء !
هل تشغلنا الحياة للدرجة التي ننسى معها أغلى ما نملك وأكثر من نحبّ ؟؟
لم يخذلك أبدًا - ثمّ .. ها أنت بطبعك الآدمي..
تنسى !
ولكنـ ....
لا ..
هذه المرة سأزوره زيارةً طويلة ..
سأجلس معه حتى يشبع مني وأشبع منه ..
سأعتذر له كثيرًا عن تقصيري في حقه وانشغالي عنه ..
سأخبره كم – بصدقٍ-أحبّه ..
وكم اشتقت اليه اشتياقي لنفسي حين أفتقدها ..
أعدّ العدة للزيارة ..
توضّأ واختار ثيابًا طيبة ثم تعطّر ، فزيارته لها طقوسها الخاصة ..
راودته خاطرة طيبة دغدغت نفسه فأصابته بنشوةٍ لم يشعر بمثلها إلا نادرًا ..
-أنه-فقط قريبُ منه !
-انه على بعد أمتار قليلة منه ..
والآن - سيراه ويتأمله ..
سينظر اليه طويييلاً حتى يشبع منه وترضى نفسه ..
يعرف مكانه الذي لا يفارقه ..
هناك في بيت الله حيث يحبّ أن يكون دائمًا ..
بعيدًا عن ضوضاء الحياة وصراعات البشر ..
أخٌ ورفيق بهذه الصفات ..
بكم تقدّر الكلمة-اذا خرجت منه ؟؟
وجده هناك ..
في صفاء الملائكة ووقار الكبير ووحدة الغريب ..
في ركنٍِ من أركان المسجد ..
ابتسم بصفاء حينما رآه..
انه كما هو منذ تركه ..
لم تغيره الحياة رغم قسوتها ..
تقدّم إليه في عجلة من يستقبل حبيبًا عاد للتو من سفرٍ طويل ..
و ما أروع اللقاء ..!
ضمّه إليه بحنان وقبّله ..
نظر إليه وقد زادت بسمته اتساعًا وقلبه انشراحًا ثمّ ضمّه إلي صدره مرّةً أخرى هامسًا بحنان ..
-كم افتقدك ..
اشتقت اليكـ ..
كم كنت مقصّرا حينما غبت عنك ..
جلسا في هدوء واطمئنان ..
ولم يزل يبتسم له..
ولم تزل عينه مقصورة الطرف إاليه ..
كم يشتاق إلى حديثه العذب ..
نفض عنه التراب بحرصٍ ثم قلّب صفحاته ..
نظرةٌ واحدة ترتوي بها النفس خيرٌ من الدنيا وما فيها ..
لا عجب أن كان عمر- رضي الله عنه يصحب مصحفه دائمًا وينظر فيه بين الحين والحين ..
هل استشعر أحد هذا المعنى من قبل ؟؟
و..
قبل أن تبدأ بقراءة آياته ..هل نظرت إليه بحبّ – بفرح – بانتماء ؟
هل تأملته طويلاً لتدرك أنك تخسر كل يوم بهجرك له وجفائك عنه ؟؟
هل لمست بأناملك صفحاته فسرى في جسدك كلّه ذلك الإحساس الغامر بالسعادة التي لا تصفها كلمات؟؟
و..
هل أحببته-بصدق ؟؟
هل امتزجت نفسك به للدرجة التي بات معها من الصعب أن يميز أحد بينكما ..فأنت هو وهو أنت ؟؟
كان صلى الله عليه وسلم قرآنًا يمشي على الأرض- وكان خلقه القرآن..فكيف أنت ؟!
واجتمعت الملائكة الكرام من حوله ، فزاد المكان نورًا على نوره ، وسكينةً على سكينته ..
أحسّ بهم حقيقةً ، بل كاد بقلبه أن يراهم ..
نظر أمامه وخلفه وحوله مبتسمًا كأنما يسلّم عليهم واحدًا واحدًا ..
ثم عاد إليه ..
سورة الفتح ..
كم يعشق هذه السورة ..
نزلت لتلقي السكينة في قلب المصطفى وصحبه رضي الله عنهم ..
فهي سورة السكينة ..
لم تزل تحفل بروحانيتها الطاهرة وسكينتها الرطبة التي تلقي بها على كلّ من يقرأ آياتها بهدوءٍ وطمأنينة ..تمامًا كما نزلت ..
هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم ، ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليمًا حكيما
لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم-فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبا ..
" اللهم اجعله ربيع قلوبنا ونور صدورنا وأنيس وحشتنا وجلاء همّنا وحزننا .. "